(يَا لَيْتَني وهما نخلو بِمَنْزِلَة ... حَتَّى يرى بَعْضنَا بَعْضًا ونأتلف)
قَالَ الْكسَائي: نرفع الصابئون على إتباعه الِاسْم الَّذِي فِي هادوا ونجعله من قَوْله: إِنَّا هدنا إِلَيْك لَا من الْيَهُودِيَّة.
وَجَاء التَّفْسِير بِغَيْر ذَلِك لِأَنَّهُ وصف الَّذين آمنُوا بأفواههم وَلم تؤمن قُلُوبهم ثمَّ ذكر الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَقَالَ: من آمن مِنْهُم فَلهُ كَذَا فجعلهم يهوداً ونصارى. انْتهى كَلَام الْفراء.
قَالَ الزّجاج فِي تَفْسِير الْآيَة بعد أَن نقل مَذْهَب الْكسَائي وَالْفراء: هَذَا التَّفْسِير إقدام عَظِيم على كتاب الله وَذَلِكَ أَنهم زَعَمُوا أَن نصب إِن ضَعِيف لِأَنَّهَا إِنَّمَا تغير الِاسْم وَلَا تغير الْخَبَر.
وَهَذَا غلط لِأَن إِن قد عملت عملين: الرّفْع وَالنّصب وَلَيْسَ فِي الْعَرَبيَّة ناصب لَيْسَ مَعَه مَرْفُوع لِأَن كل مَنْصُوب مشبه بالمفعول وَالْمَفْعُول لَا يكون بِغَيْر فَاعل إِلَّا فِيمَا لم يسم فَاعله.
وَكَيف يكون نصب إِن ضَعِيفا وَهِي تَتَخَطَّى الظروف فتنصب مَا بعْدهَا نَحْو: إِن فِيهَا قوما جبارين وَنصب إِن من أقوى المنصوبات.