للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْأَصْمَعِي فِي اللُّغَة.)

أَلا ترى أَن أَبَا زيد قد حكم للأصمعي على سِيبَوَيْهٍ فِي اللُّغَة وَقَالَ: هَذَا أعلم باللغة وَهَذَا أعلم بالنحو يَعْنِي سِيبَوَيْهٍ.

وَأَن أستاذ سِيبَوَيْهٍ الْخَلِيل قد أَخذ عَن الْأَصْمَعِي شَيْئا من اللُّغَة وَلم يكن أَبُو إِسْحَاق الزّجاج يمِيل إِلَى شيءٍ من هَذَا وَقَالَ: من نظر إِلَى كتاب سِيبَوَيْهٍ وَمَا ذكر فِيهِ من الْأَبْنِيَة وقف على تقدمه على الْجَمَاعَة فِي اللُّغَة.

قَالَ: وَالْقَوْل مَا قَالَه سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ وصفهَا بِالْخصْبِ وَأَنَّهَا لَا تعدم الرّيّ مَا

سقتها الرواعد إِمَّا من صيف وَإِمَّا من خريف فَلَنْ تعدم الرّيّ.

وعَلى مَذْهَب الْأَصْمَعِي والمبرد إِن لم يسقها الخريف عدمته لِأَنَّهُ قَالَ: وَإِن سقتها لن تعدم الرّيّ. وَإِن أَرَادَ لَا تعدم الرّيّ الْبَتَّةَ فَهَذَا قَول سِيبَوَيْهٍ. أَلا ترى أَن قبله: إِذا شَاءَ طالع مسجورة الْبَيْت انْتهى.

وَأما قَول الدماميني فِي الْحَاشِيَة الْهِنْدِيَّة: لَا نسلم أَن الْمَقْصُود وصف هَذَا الوعل بِالريِّ على كل حَال وَإِنَّمَا الْغَرَض وصف حَاله بِحَسب الْوَاقِع فَأخْبر أَولا بِمَا وَقع من سقِِي سحائب الصبيف لَهُ وَذَلِكَ مقتضٍ لريه مِنْهَا. ثمَّ اخبر بِأَنَّهُ سحائب الخريف إِن سقته بعد ذَلِك حصل لَهُ الرّيّ المستمر.

وَلَو سلم أَن الْمَقْصُود مَا ذكر من وَصفه بِالريِّ دَائِما فَمَعَ الْإِتْيَان بإما الَّتِي هِيَ لأحد الشَّيْئَيْنِ لَا يلْزم ذَلِك. انْتهى.

فقد رد عَلَيْهِ ابْن الملا بِوُجُوه: أَحدهَا: كَيفَ لَا يكون الْغَرَض ذَلِك وَهُوَ بصدد بَيَان نجاته من الحتف إِذْ المُرَاد أَنه لَو نجا حَيَوَان من الْمَوْت لنجا هَذَا الوعل الَّذِي تكفل لَهُ ربه برزقه وَأَسْكَنَهُ أخصب أرضه فَهُوَ فِي ريٍ لَا ينقكطع وَطيب عيشٍ مُسْتَمر من غير حيلةٍ مِنْهُ.

وَلَو كَانَ المُرَاد وصف حَاله بِحَسب الْوَاقِع لم يكن فِي تَخْصِيصه بِالذكر فَائِدَة إِذْ كل مَخْلُوق شَأْنه من اللطف الإلهي مثل ذَلِك.

<<  <  ج: ص:  >  >>