-
فَلَا يدْفع التَّنَاقُض بَين كَلَام ابْن عَبَّاس وَكَلَام غَيره بِمَا ذكره الشَّارِح الْمُحَقق فَلَا بُد من دَلِيل سَمْعِي يبين جَوَاز ذَلِك.
قَالَ أَبُو حَيَّان: وَلم يذكر سوى بَيْتِي جحدر وَقد ذكر لَهُ عدَّة تأويلات فَلَا يقوم بِمثلِهِ حجَّة وَقد أول بِثَلَاثَة تأويلات: أَحدهَا: لِابْنِ عُصْفُور وَهُوَ أَن تكون نعم فِيهِ جَوَابا لغير مَذْكُور قَالَ أجرت لعرب التَّقْرِير فِي الْجَواب مجْرى النَّفْي الْمَحْض وَإِن كَانَ إِيجَابا فِي الْمَعْنى فَإِذا قيل: ألم أعطك درهما قيل فِي)
تَصْدِيقه: نعم وَفِي تَكْذِيبه: بلَى وَذَلِكَ لِأَن الْمُقَرّر قد يوافقك فِيمَا تدعيه وَقد يخالفك فَإِذا قَالَ: نعم لم تعلم هَل أَرَادَ نعم لم تعطني على اللَّفْظ أَو نعم أَعْطَيْتنِي على الْمَعْنى فَلذَلِك أجابوه على اللَّفْظ وَلم يلتفتوا إِلَى الْمَعْنى.
وَأما نعم فِي بَيت جحدر فجواب لغير مَذْكُور وَهُوَ مَا قدره فِي اعْتِقَاده أَن اللَّيْل يجمعه وَأم عَمْرو. وَجَاز ذَلِك لأمن اللّبْس لعلمه أَن كل أحدٍ يعلم أَن اللَّيْل يجمعه وَأم عَمْرو.
وَأما قَول الْأَنْصَار فَجَاز لزوَال اللّبْس لِأَنَّهُ قد علم أَنهم يُرِيدُونَ نعم نَعْرِف لَهُم ذَلِك. وعَلى هَذَا يحمل اسْتِعْمَال سِيبَوَيْهٍ لَهَا بعد التَّقْرِير. انْتهى.
ثَانِيهَا: لِابْنِ عُصْفُور أَيْضا: أَنه جَوَاب لما بعده كَقَوْلِهِم: نعم هَذِه أطلالهم. قَالَ: وَيجوز أَن تكون جَوَابا لقَوْله وَترى الْهلَال الْبَيْت. وَفِيه نظر لِأَن قَوْله: وَترى الْهلَال عطف على مَا قبله فَهُوَ دَاخل تَحت التَّقْرِير.
ثالثهما: لأبي حَيَّان وَتَبعهُ ابْن هِشَام قَالَ: الْأَحْسَن أَن تكون جواباُ لقَوْله: فَذَاك بِنَا تداني فَتكون الْجُمْلَة مُعْتَرضَة بَين المتعاطفين وَلَيْسَت دَاخِلَة تَحت التَّقْرِير وَتَقَدَّمت على نعم لفظا وَمعنى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute