للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

على جعله الْجُمْلَة حَالا أَنَّهَا مصدرة بِعلم الِاسْتِقْبَال بِأَن الشَّاعِر أَرَادَ امتداد الْحَال فَلَمَّا لاحظ حَال الِاسْتِمْرَار والاستقبال أَتَى بِلَا غير صَحِيح فَإِن لَا لَيست للاستقبال على الصَّحِيح والمضارع الْمَنْفِيّ بهَا يَقع حَالا نَحْو: مالكم لَا ترجون لله وقارا. وَقد تعسف أَيْضا فِي نَحْو أجدك لَا تفعل بِأَنَّهُ على إِرَادَة اسْتِمْرَار حِكَايَة الْحَال الممتدة فِيمَا مضى.

قَالَ أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف: وَلَا تفعل عِنْد أبي عَليّ حَال أَو على إِضْمَار أَن فَحذف أَن وارتفع الْفِعْل.

وَاعْلَم أَن صَنِيع الشَّارِح الْمُحَقق فِيهِ رد لمن جعل كَابْن الْحَاجِب أجدك لَا تفعل كَذَا من قبيل الْمصدر الْمُؤَكّد لغيره قَالَ ابْن الْحَاجِب فِي الْإِيضَاح: أَصله لَا تفعل كَذَا جدا لِأَن الَّذِي يَنْبَغِي الْفِعْل عَنهُ يجوز أَن يكون بجد مِنْهُ وَيجوز أَن يكون من غير جد فَإِذا قَالَ: جدا فقد ذكر أحد المحتملين ثمَّ أدخلُوا همزَة الِاسْتِفْهَام إِيذَانًا بِأَن الْأَمر يَنْبَغِي أَن يكون كَذَلِك على سَبِيل التَّقْرِير فَقدم الْمصدر من أجل همزَة الِاسْتِفْهَام فَصَارَ: أجدك لَا تفعل ثمَّ لما كَانَ مَعْنَاهُ تَقْرِير أَن يكون الْأَمر على وفْق مَا أخبر صَار فِي معنى تَأْكِيد كَلَام الْمُتَكَلّم فيتكلم بِهِ من يقْصد إِلَى التَّأْكِيد وَإِن كَانَ مَا تقدم هُوَ الأَصْل الْجَارِي على قِيَاس لغتهم.

وَيجوز أَن يكون معنى أجدك فِي مثله: أتفعله جدا مِنْك على سَبِيل الْإِنْكَار لفعله جدا ثمَّ نَهَاهُ عَنهُ أَو أخبر عَنهُ بِأَنَّهُ لَا يفعل فَيكون أجدك توكيداً لجملة مقدرَة دلّ سِيَاق الْكَلَام عَلَيْهَا. وَمِمَّا يدل على أَنهم يَقُولُونَ أَفعلهُ جدا قَول أبي طَالب:

إِذن لاتبعناه على كل حَالَة ... الْبَيْت هَذَا كَلَامه.

وَقَوله ثمَّ نَهَاهُ عَنهُ يفهم مِنْهُ أَن أجدك يَقع بعْدهَا النَّهْي

<<  <  ج: ص:  >  >>