للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأكْثر مَا يكون هَذَا فِي الْحُرُوف المتقاربة. وَهَذَا فِي النثر المسجوع لَيْسَ بِعَيْب. وَأما فِي النّظم فَأكْثر مَا يرتكبه الْأَعْرَاب دون الفحول والمشاهير وَلِهَذَا لَا أجيزه لشعراء زَمَاننَا كَمَا أُجِيز لَهُم الْعُيُوب الْبَاقِيَة اللَّهُمَّ إِلَّا فِي الأرجاز الحربية الَّتِي تقال بديهاً فَإِنَّهَا تحْتَمل مَا لَا يحْتَمل الشّعْر الْكَائِن عَن روية وتمهل.

فَإِن قيل: فَهَل الْعَرَب تعرف حُرُوف المعجم حَتَّى تلْزم بهَا قيل: إِنَّهَا وَإِن لم تعرفها بأسمائها فَإِنَّهَا تعرفها بأجراسها وتميز بَينهَا بأصدائها. وَلِهَذَا يلْتَزم الشَّاعِر مِنْهُم حُرُوف الروي فَلَا يُخَالِفهُ إِلَّا فِي الْأَقَل وَإِلَى مَا يقرب مِنْهُ. وَلِهَذَا قَالَ قَائِلهمْ:

(لَو قد حداهن أَبُو الجودي ... برجز مسحنفر الروي)

مستويات كنوى البرني وَلَا يبعد أَن يشْعر الْوَاحِد مِنْهُم بمخارج الْحُرُوف ومدارجها بل هُوَ الْغَالِب من حَالهم لَكِن لَا يتقنون تَمْيِيزه. وَقد أنشدوا: وقافية بَين الثَّنية والضرس زعم الْمُفَسِّرُونَ أَنه أَرَادَ الشين أُخْت الضَّاد. والحكاية الْمَشْهُورَة عَن رجلٍ مِنْهُم

أَنه قامر على أَن يشرب علبة لبن وَلَا يَتَنَحْنَح فَلَمَّا كده الْأَمر قَالَ: كَبْش أَمْلَح: قيل لَهُ: مَا هَذَا تنحنحت قَالَ: من تنحنح فَلَا أَفْلح. مَعَ أَنه قد ورد عَن بَعضهم تَسْمِيَة بعض الْحُرُوف قَالَ: الطَّوِيل كَمَا كتبت كافٌ تلوح وميمها

<<  <  ج: ص:  >  >>