وَأنْشد بعده وَهُوَ الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ: جاؤوا بمذق هَل رَأَيْت الذِّئْب قطّ على أَن قَوْلهم: هَل رَأَيْت وَقعت صفة مذق بِتَقْدِير القَوْل يَعْنِي أَن الْجُمْلَة الَّتِي تقع صفة شَرطهَا أَن تكون خبرية لِأَنَّهَا فِي الْمَعْنى كالخبر عَن الْمَوْصُوف فجملة هَل رَأَيْت. . ظَاهرهَا أَنَّهَا وَقعت صفة لمذق مَعَ أَنَّهَا استفهامية والاستفهام قسم من الْإِنْشَاء. فَأجَاب بِأَن التَّحْقِيق أَنَّهَا معمولة للصفة المحذوفة أَي: بمذق مقولٍ فِيهِ: هَل رَأَيْت أَو يَقُول فِيهِ من رَآهُ هَذَا القَوْل وَنَحْوه.
وَهَذَا الْبَيْت قد كرر الشَّارِح إنشاده فِي هَذَا الْكتاب فقد أوردهُ فِي النَّعْت وَفِي الْمَوْصُول مرَّتَيْنِ وَفِي أَفعَال الْقُلُوب وَفِي الْحُرُوف المشبهة بِالْفِعْلِ. وَرَوَاهُ الدينَوَرِي فِي النَّبَات وَابْن قُتَيْبَة فِي أَبْيَات الْمعَانِي والزجاجي وَابْن الشجري فِي أماليهما:
جاؤوا بضيحٍ هَل رَأَيْت الذِّئْب قطّ وَقَالَ الدينَوَرِي: نزل هَذَا الشَّاعِر بِقوم فقروه ضياحاً وَهُوَ اللَّبن الَّذِي قد أَكثر عَلَيْهِ من المَاء.)
وَقَالَ ابْن جني فِي الْمُحْتَسب: قَوْله هَل رَأَيْت: جملَة استفهامية إِلَّا أَنَّهَا فِي مَوضِع وصف الضيح حملا على مَعْنَاهَا دون لَفظهَا لِأَن الصّفة ضرب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute