للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى الآية ولا يلزم من الذم للإِضافة إليها الذم للإِضافة إلى كل


= رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}، وقال: {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦)}، وبهذا الوجه جزم ابن بطال، فقال: أراد أن يجري على ألسن العباد نسبة الأفعال إلى خالقها، لما في ذلك من الإِقرار له بالعبودية والاستسلام لقدرته، وذلك أولى من نسبة الأفعال إلى مكتسبها مع أن نسبتها إلى مكتسبها جائز بدليل الكتاب والسنَّة. ثم ذكر الحديث الآتي في "باب نسيان القرآن"، قال: وقد أضاف موسى - عليه السلام- النسيان مرة إلى نفسه، ومرة إلى الشيطان فقال: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} ولكل إضافة منها معنى صحيح، فالإِضافة إلى الله بمعنى أنه خالق الأفعال كلها، وإلى النفس لأن الإِنسان هو المكتسب لها، وإلى الشيطان بمعنى الوسوسة. اهـ. ووقع له ذهول فيما نسبه لموسى، وإنما هو كلام فتاه. وقال القاضي: ثبت أن النبي نسب النسيان إلى نفسه يعني كما سيأتي في "باب نسيان القرآن"، وكذا نسبه يوشع إلى نفسه حيث قال: {نَسِيتُ الْحُوتَ} وموسى إلى نفه حيث قال: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ}، وقد سبق قول الصحابة: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا} مساق المدح، قال -تعالى- لنبيه: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧)} فالذي بظهر أن ذلك ليس متعلق الذم، وجنح إلى اختيار الوجه الثاني وهو كالأول، لكن سبب الذم ما فيه من الإِشعار بعدم الاعتناء بالقرآن، إذ لا يقع النسيان إلَّا بترك التعاهد وكثرة الغفلة، فلو تعاهده بتلاوته والقيام به في الصلاة لدام حفظه وتذكره، فإذا قال الإِنسان: نسيت الآية الفلانية فكأنه شهد على نفسه بالتفريط فيكون متعلق الذم ترك الاستذكار والتعاهد، لأنه يورث النسيان. وقال عياض: أولى ما يتأول عليه: ذم الحال لا ذم القول، أي: بئس الحال حال من حفظه، ثم غفل عنه حتى نسيه. وقال النووي: الكراهة فيه للتنزيه. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>