للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سرْج (١).

وَحرُم تعظيمُهم (٢)، وبَداءتُهم بِالسَّلَامِ (٣).

وإن تعدى الذِّمِّيُّ على مُسلمٍ (٤) أو ذَكَر اللهَ أو كِتَابَه أو رَسُولَه بِسوءٍ انتقض عَهدُه (٥)، فَيُخَيرُ الإمامُ فِيهِ كأسيرٍ حَرْبِيّ (٦).


(١) وهذا من التميز: ٣ - فيمنعون من ركوب الخيل، ٤ - ويمنعون من وضع السرج على غير الخيل. كذلك، لا يركب أحدهم كالمسلم، بل يركب عرضاً بأن تكون رجلاه إلى جانب وظهره إلى الجانب الآخر، كما في الإقناع.
(٢) كالقيام لهم، وتصديرهم في المجالس، وتوقيرهم. وكذا يحرم تعظيم المبتدع الذي يجب هجره كالرافضي، أما من يُسن هجره كأهل المعاصي، فيكره تعظيمهم والقيام لهم، قاله البهوتي في الكشاف.
(٣) فتحرم؛ لحديث: «لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام». فإن سلم على من يعتقده مسلماً فبان ذمياً، سن للمُسَلِّم المسلم قول: رد علي سلامي، فيقول الذمي: رددت عليك سلامك.

(تتمة) تحرم تعزية أهل الذمة، وشهود أعيادهم، وتهنئتهم بها. وتكره مصافحتهم، وتشميتهم.
(٤) بقتلٍ مطلقاً، عمداً كان أو شبه عمد أو خطأً، كما هو في اطلاق المنتهى - كالتنقيح -، وتابعه الغاية، أما الإقناع فقيده بالعمد. (مخالفة الماتن)
(٥) دون عهد نسائه وأولاده، ولا يقف انتقاض العهد على حكم الإمام، أي: لا يلزم أن يحكم الإمام بانتقاض عهده.
(٦) أي: يخير بين أربعة أمور: أن يقتله، أو يسترقه، أو يمُن عليه مجاناً، أو يفديه بمال أو بأسير مسلم.
(تتمة) العقود التي تفيد الأمن للكفار ثلاثة:
١ - عقد الذمة، وتقدم.
٢ - الأمان: وهو إعطاء عهد لمحارب بعدم الاعتداء على نفسه، وعرضه، ودينه، وماله. ويصح الأمان من الإمام الأعظم لجميع المشركين سواءً كانوا يهوداً، أو نصارى، أو مجوساً، أو وثنيّين. ويصح الأمان من آحاد المسلمين لواحد ولقافلة وحصن صغيرَين عرفاً كمئة فأقل، وكذا الشركات الآن لها أن تؤمن على بعض الكفار ليعملوا في بلاد المسلمين، ويسري الأمان إلى ما معه من أهل ومال إلا أن يقول مؤمنه: أمَّنتك وحدك، قاله في الإقناع.
وصيغته: يصح بكل ما يدل عليه من قول، وإشارة مفهومة، ورسالة، وكتاب، قاله في الإقناع.
وشروط عهد الأمان: ١ - أن يكون العاقد له مسلماً عاقلاً ولو مميزاً أو أنثى، ٢ - وأن يكون مختاراً، ٣ - وأن لا يسبب تأمينه ضرراً على المسلمين، ٤ - وأن لا تزيد المدة على عشر سنين.
وينتقض الأمان بالخيانة.
والأصل في الكفار الموجودين الآن: أنهم كالمستأمنين. فإذا كان كذلك، حرم على المسلم قتلهم، واسترقاقهم، وأسرهم، والتعرض لهم، وإخافتهم.

وهناك أحوال يجب فيها تأخير الجهاد كالتي نحن فيها الآن؛ لأن المسلمين ليس عندهم قدرة على الجهاد. ولا يعني ذلك تسليم الأمر للكفار، بل يجب إعداد العدة؛ لقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال، ٦٠]. وهذه أمور معقدة وخطيرة جداً، فلا يُستعجل في تنزيل كلام الفقهاء على الواقع.
٣ - الهدنة: وهي العقد على ترك القتال مدة معلومة بقدر الحاجة، ولو بعوض مِنَّا أو منهم. فلا بأس بإعطاء عوض لبلاد كافرة - ولو من الزكاة -؛ لكف شرها عن بلاد المسلمين.
وشروط الهدنة: ١ - أن تكون في حال يجوز فيها تأخير الجهاد، ٢ - وأن تكون صادرة من الإمام أو نائبه فقط، ٣ - وأن تكون لمدة معلومة وإن طالت، فلا تكون مطلَقَة. أما شيخ الإسلام فاختار صحة الهدنة غير المقيدة بزمن، لكنها تكون جائزة لا لازمة.
وإن حصلت حرب بين إحدى الدول الإسلامية ودولة كافرة، فإنّ بقية الدول الإسلامية لا تصبح في حرب مع تلك الدولة الكافرة بمجرد ذلك إذا كان بينهما عقد، وذلك أن كل بلد الآن له حكم بنفسه بحيث يأخذ والي البلد أحكام الولاية العامة. ومن الأدلة على ذلك ما وقع في صلح الحديبية حيث طلب المشركون أن يُرد إليهم أبو بصير، فرده الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم انعزل أبو بصير ومن كان معه كما يروى في السيرة، فلم يُعنه الرسول صلى الله عليه وسلم مع أنه كان ضعيفاً. فإن كان هناك عهد بين دولة مسلمة ودولة الكافرة، ثم اعتدت الكافرة على بلاد مسلمة أخرى، فلا يجوز للدولة المسلمة التي عاهدت الدولة الكافرة أن تعتدي - بمجرد ذلك - على الدولة الكافرة؛ للعهد الذي بينهما. انظر ما يؤيد هذا: كشاف القناع (٧/ ٢١٧)، والله أعلم.

<<  <   >  >>