للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الثَّانِي: على الإنكار (١)، بِأَن يَدعِيَ عَلَيْهِ فينكرَ أو يسكتَ (٢) ثمَّ يصالحُه (٣) فَيصحُّ، وَيكونُ إبراءً فِي حَقه (٤)، وبيعاً فِي حق مُدَّع (٥).

وَمن علِم كذِبَ نَفسِه فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ فِي حَقه (٦).


(١) الصلحُ على الإنكارِ يشبه الصلحَ على الإقرارِ إلا أن المدعَى عليه يُنْكِر ما يدعيه خصمُه أو يسكت، لكنه يصالحه إبراءً لذمته، وتنزهاً عن مجالس القضاء.
(٢) فلا يتلفظ بإقرار ولا إنكار حال كونه يجهل ما ادُّعي به عليه.
(٣) بجنس ما يدعيه أو غير جنسه.
(٤) أي: المدعى عليه؛ لكونه دفع العوضَ لدفع الخصومةِ عن نفسِهِ، لا في مقابلةِ حق ثبت عليه.
(٥) ويترتب على ذلك مسائل كثيرة نكتفي منها بواحدة، وهي: الرد بالعيب، ومثال ذلك: أن يدعي زيدٌ على عمرو سيارةً، فينكر عمرو أن السيارة لزيد، أو يسكت، ثم يصالحه على أن يعطيه خمسين ألف ريال مثلاً، فإذا وجد عمرو بعد ذلك عيباً في السيارة لم يكن له أن يردها به؛ لأن الصلح في حقه إبراء لا بيع، ولو وجد زيدٌ المالَ الذي أخذه معيباً فله رده؛ لأن الصلح في حقه بيع.
(٦) والمراد: عند الله عز وجل، لكنه صحيح في الظاهر؛ فيشترط لصحة الصلح على الإنكار أن يعتقد كل من المدعي والمدعى عليه صدق نفسه.
(تتمة) الصلح عن دين مجهول بشيء معلوم: يصح - في المذهب - الصلح عن دين مجهول بمعلوم نقدا أو نسيئة، كمن بينهما معاملة أو حساب، ومضى عليه زمن طويل، ولا علم لكل منهما بما عليه لصاحبه، أو كان الجهلُ ممن هو عليه فقط، وسواء تعذر علمُ المجهول - وهذا بالاتفاق بين المنتهى والإقناع - أو لم يتعذر علم المجهول على ما في المنتهى والغاية كالتنقيح، وخالف في هذا الإقناع، فلم يصحح الصلح على الدين المجهول الذي لا يتعذر علمه؛ لعدم الحاجة. (مخالفة)

(تتمة): ما يصح الصلح فيه وما لا يصح: وَضَعَ الإقناعُ ضابطاً لذلك فقال: (ويصح الصلح عن كل ما يجوز أخذ العوض عنه، سواء كان مما يجوز بيعه أم لا)، ومما يجوز أخذ العوض فيه القود ولو بأكثر من الدية، وسكنى دار، وعيب مبيع. وأما ما لا يجوز أخذ العوض عنه فلا يصح الصلح فيه: كالصلح عن خيار أو شفعة أو حد قذف، وتسقط جميعها بالصلح.

<<  <   >  >>