للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيحرُمُ على واهبٍ أن يرجِعَ فِي هِبتِهِ بعدَ قَبْضٍ (١)، وَكُرِه قَبْلَه (٢) إلا الأب (٣).


(١) يحرم ولا يصح الرجوع في العين الموهوبة ولا في قيمتها. والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه»، متفق عليه.
(٢) أي: يكره رجوع الواهب في الهبة قبل أن يقبضها الموهوب له كأن يقول له: وهبتك ألف ريال ثم يقول - قبل أن يعطيها إياه - رجعت؛ فيكره، وقد تابع المصنف في هذا صاحب الإقناع - ومثله الغاية - خروجاً من خلاف من قال: إن الهبة تلزم بالعقد، انظر الكشاف ١٠/ ١٢٤. أما صاحب التنقيح - وتابعه المنتهى - فلم ينص على الكراهة، ولعل المذهب: الكراهة، فليحرر، والله أعلم. (مخالفة الماتن)
(٣) هذا هو المستثنى الأول من تحريم الرجوع: فللأب أن يرجع فيما وهبه لولده بأي لفظ من ألفاظ الرجوع عَلِم الولد أو لم يعلم، والمقصود بالأب هنا: الأب القريب - كما في الإقناع - دون الأم والجد. ويشترط لجواز رجوع الأب في عطيته لولده أربعة شروط: ١ - ألا يُسقط الأب حقه من الرجوع فيما وهبه لولده، فإن أسقطه سقط - على ما في المنتهى وتابعه الغاية -، وذهب صاحب الإقناع إلى أنه يرجع ولو أسقط حقه من الرجوع (مخالفة)، ٢ - وألا تزيد العين الموهوبة زيادة متصلة، ٣ - وأن تكون العين الموهوبة باقية في ملك الولد، ٤ - وألا يرهنها الولد.
مسألة: ما الحكم التكليفي في رجوع الأب فيما وهبه لولده بعد أن أقبضه إليه؟

ظاهر كلام صاحب «كشف المخدرات»: الكراهة حيث قال: (وكره رجوع فيها قبله - أي: القبض - سواء كان الواهب أباً أو غيره)، وصرح ابن جامع في «الفوائد المنتخبات» بعدم الكراهة حيث قال: (إلا الأب فله أن يرجع في عطيته قبله - أي: قبل القبض - أو بعده بلا كراهة؛ لحديث طاووس عن ابن عمر وابن عباس مرفوعاً: «ليس لأحد أن يعطي عطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده»، رواه الترمذي وحسنه انتهى). قلتُ: وهو أظهر وأشبه بكلام الأصحاب، والله أعلم. (خلاف المتأخرين)
(تتمة) المستثنى الثاني من تحريم رجوع المعطي في عطيته: مَنْ وهبت زوجَها شيئاً بمسألته إياها ثم ضرها بطلاق أو تزوج عليها فلها أن ترجع فيما وهبته له، وإن وهبته تبرعاً من غير سؤاله لها فليس لها الرجوع نصاً.

<<  <   >  >>