(٢) يشترط في البغاة: (الشرط الأول) أن يكون لهم شوكة: وهي: شدة البأس والجد في السلاح - كما قال في المطلع -، فيكونون أقوياء ومسلحين، قال في الإقناع: (بحيث يحتاج في كفهم إلى جيش) وعبارة المغني وغيره: (يحتاج في كفهم إلى جمع الجيش). (٣) (الشرط الثاني) أن يخرجوا على الإمام - أي: الحاكم - ولو لم يكن عدلاً، فيطالبوه بأن يعتزل أو يغير منكراً مثلا. (٤) (الشرط الثالث) أن يكون عندهم تأويلٌ سائغٌ يعتقدون أنه يجوزُ لهم بسببه الخروجَ على الإمام، حتى لو كان التأويل خطأً - كما في الإقناع -، قال الحفيد - كما في حاشية ابن عوض على الدليل (٣/ ٤٤١) -: ((بتأويل سائغ) أي: سواء كان صواباً أو خطأ، كما لو ادعوا أنه مضيع لحقوق الله تعالى، وأنه يظلم الناس، بخلاف ما لو ادَّعوا أن الخارج أحق بالإمامة منه)، فتبين بذلك: أن التأويل السائغ الصواب: ما كان في المطالبة بحقوق الله تعالى كتطبيق شرعه، وإقامة الحدود، وإزالة المنكرات، أو المطالبة بحقوق الناس ورفع الظلم عنهم، والتخفيف عنهم في معايشهم وإصلاح مكان حياتهم ونحو ذلك، وأما ما خرج عن هذين كما لو طالبوا بتنصيب غيره لكونه أكفأ منه مثلاً، أو ليعطيهم من المال ما يزيد على حوائجهم زيادة فيها إسراف من غير مقابل ونحو ذلك، فهذه تأويلات سائغة خاطئة، والله أعلم. (بحث)
وسواء كان في البغاة مُطاع أو لم يكن فيهم، أما الذين لا يخرجون على الإمام، بل على قبيلة معادية لهم مثلاً، فلا يعتبر ذلك من التأويل السائغ، والمذهب أنه إذا اختل شرط من الثلاثة، فإنهم يكونون قطاع طريق، وقد تقدم حكمهم؛ لكن لم يبينوا تحت أي قسم من الأقسام الأربعة يدخلون، وقد يقال: بأنه يختلف ذلك باختلاف أفعالهم، فيحتاج إلى تحرير، والله أعلم. (تتمة) هل يجوز الخروج على الحاكم لخلعه مع التأويل السائغ؟ الجواب: يحرم ذلك ولو كان عندهم تأويل سائغ، سواء كان صوابا أو خطأ بالأولى، ومن لحظ على إمامه منكراً أو حقاً مسلوباً فليتجه للحاكم مباشرة لنصحه، أو لمن هو قريب من الحاكم، ولا يجوز الخروج عليه لخلعه بسبب تأويل ولو كان سائغاً صحيحاً؛ لما في الخروج عليه من الفساد العريض الذي قد لا يرتفع عن المسلمين إلا بعد أن تراق كثير من دمائهم، أسأل الله تعالى أن يصلح حكام المسلمين، وأن يحفظ المسلمين من كل مكروه وفتنة، وأن يرفع الله شريعته في كل مكان.