(٢) فإذا وَصَلَ المقِرُّ إقرارَه بما يسقطه لم يُقبَل، ولزمه ما أقر به، فلو قال: له عليَّ ألف لا تلزمني، أو: له عليَّ ألف من ثمن خمر، ونحوه: كثمن كلب، فتلزمه الألف، ولا ينفعه ما وصل إقراره به؛ لأن الكلام الذي وصله بإقراره فيه رفعٌ لجميع ما أقر به، فلا يقبل كما لو استثنى جميع المستثنى منه. ويحسن التنبيه إلى أن الحنابلة يفرقون بين قول: له عندي، و: له عليَّ، فإن الأخير إقرارٌ بدَين في الذمة. (٣) أي: وهذه مقيدة بما إذا لم يَنْسِب المُقِرُّ هذه الألف لسبب من قرض أو ثمن مبيع، فيقبل منه بيمينه؛ لأنه منكر، ولأنه رَفَعَ ما أثبته بدعوى القضاء متصلاً. وإن كان نسب ما أقر به لسبب أو ثبت عليه الحق ببينة، فلا يقبل قوله: (قضيته أو برئت منه) إلا ببينة، كما سيذكره الماتن؛ والأصل: أن من أقر بشيء لآخر فلا يقبل قوله في الرد إلا ببينة، فخالف الحنابلةُ هذا الأصل - الذي يبنون عليه فروعا غير هذه المسألة - في هذه المسألة، فقبلوا قولَه! ، والقول الآخر في المذهب - وهو قول أبي الخطاب -: أنه يكون مقراً بالألف مدعياً القضاءَ، فلا يقبل قوله في القضاء إلا ببينة وإن لم ينسب ما لزمه لسبب من قرض أو ثمن، قال ابن هبيرة رحمه الله: (لا ينبغي للقاضي الحنبلي أن يحكم بهذه المسألة - أي: بالقول الأول -، ويجب العمل بقول أبي الخطاب).