وقد باعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ظاهره جواز بيع المدبر؛ والمدبر هو من أعتق عن دبر.
ولم يختلفوا في أن عتق المدبر من الثلث فكان سبيله سبيل الوصايا وللموصي أن يعود فيما أوصى به وإن كان سبيله سبيل العتق بالصفة فهو أولى بالجواز ما لم يوجد الصفة المعلق بها العتق والله أعلم.
ومن باب فيمن أعتق عبيداً له لم يبلغوا الثلث
قال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب، عَن أبي قلابة، عَن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته لم يكن له مال غيرهم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال له قولاً شديداً ثم دعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء فأقرع بينهم فأعتق اثنين وأَرَقَّ أربعة.
قال الشيخ: في هذا بيان أن حكم عتق البتات في المرض الذي يموت به المعتق حكم الوصايا وإن ذلك من ثلث ماله.
وفيه إثبات القرعة في تمييز العتق الشائع في الأعيان وجمعه في بعض دون بعض.
وقوله فجزأهم ثلاثة أجزاء يريد أنه جزأهم على عبرة القيم دون عدد الرؤوس إلاّ أن القيم قد تساوت فيهم فخرج عدد الرؤوس على مساواة القيم وعبيد أهل الحجاز إنما هم الزنوج والحبش والقيم قد تتساوى فيها غالباً أو تتقارب.
وتفريق العتق في أجزاء العبيد يؤدي إلى الضرر في الملاك والمماليك معاً وجمع العتق يرفع الضرر وينفي سوء المشاركة. وأما الاستسعاء فقد ذكرنا فيما تقدم أن الحديث فيه غير صحيح فجمع الحرية به متعذر غير متيسر.