قال الشافعي فإذا كثر العدو واشتدت شوكتهم وقل من بإزائهم من المسلمين نفل منه الإمام اتباعاً للسنة وإذا لم يكن ذلك لم ينفل.
وقال أبو عبيد الخمس مفوض إلى الإمام ينفل منه إن شاء، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ما لي مما أفاء الله عليكم إلاّ الخمس والخمس مردود عليكم.
وقال غيرهم إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفلهم من الغنيمة التي يغنمونها كما نفل القاتل السلب من جملة الغنيمة.
قلت وعلى هذا دل أكثر ما روي من الأخبار في هذا الباب.
قال أبو داود: حدثنا هناد بن السري حدثنا عبدة عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى نجد فخرجت معها فأصبنا نعماً كثيراً فنفلنا أميرنا بعيرا بعيرا لكل إنسان؛ ثم قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسم بيننا غنيمتنا فأصاب كل رجل منا اثني عشر بعيراً بعد الخمس، وما حاسبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي أعطانا صاحبنا ولا عاب عليه ما صنع فكان لكل رجل منا ثلاثة عشر بعيراً بنفله.
قلت في هذا بيان واضح أن النفل إنما أعطاهم من جملة الغنيمة لا من الخمس الذي هو سهمه ونصيبه، وظاهر حديث ابن عمر أنه أعطاهم هذا النفل قبل الخمس كما نفلهم السلب قبل الخمس، وإلى هذا ذهب أبو ثور.
[ومن باب من قال الخمس قبل النفل]
قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيلن عن يزيد بن يزيد بن جابر الشامي عن مكحول عن زياد بن جارية التميمي عن حبيب بن مسلمة الفهري أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفل الثلث بعد الخمس.