قلت وقد روينا أن أبا بكر رضي الله عنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يسقط من الازار فرخص له في ذلك وقال لست منهم، وكان السبب في ذلك ما علمه من نقاء سره وأنه لا يقصد به الخيلاء والكبر، وكان رجلاً نحيفا قليل اللحم وكان لا يستمسك إزاره إذا شده على حقوه فإذا سقط إزاره جره فرخص له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وعذره.
[ومن باب في الكبر]
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن سلمان الأغر، عَن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله سبحانه الكبرياء ردائي والعظمة ازاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار.
قال الشيخ: معنى هذا الكلام أن الكبرياء والعظمة صفتان لله سبحانه اختص بهما لا يشركه أحد فيهما ولا ينبغي لمخلوق أن يتعاطاهما، لأن صفة المخلوق التواضع والتذلل، وضرب الرداء والإزار مثلاً في ذلك يقول والله أعلم كما لا يشرك الإنسان في ردائه وإزاره أحد، فكذلك لا يشركني في الكبرياء والعظمة مخلوق والله أعلم.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو بكر، يَعني ابن عياش عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردلة من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان.
قال الشيخ: هذا يتأول على وجهين أحدهما أن يكون أراد به كبر الكفر والشرك، ألا ترى أنه قد قابله في نقيضه بالإيمان، فقال لا يدخل النار من كان