قلت قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى المحرمة عن النقاب، فأما سدل الثوب على وجهها من رأسها فقد رخص فيه غير واحد من الفقهاء ومنعوها أن تلف الثوب أو الخمار على وجهها أو تشد النقاب أو تتلثم أو تتبرقع.
وممن قال بأن للمرأة أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها عطاء ومالك وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وإسحاق وهو قول محمد بن الحسن وقد علق الشافعي القول فيه.
[ومن باب المحرم يظلل]
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن سلمة، عَن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن يحيى بن الحصين عن أم الحصين جدته قالت حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة.
قلت فيه من الفقه أن للمحرم أن يستظل بالمظال نازلاً بالأرض وراكباً على ظهور الدواب ورخص فيه أكثر أهل العلم، إلاّ أن مالك بن أنس وأحمد بن حنبل كانا يكرهان للمحرم أن يستظل راكبا. وروى أحمد عن ابن عمر أنه رأى رجلا قد جعل على رحله عوداً له شعبتان وجعل عليه ثوبا يستظل به وهو محرم فقال له ابن عمر اضح للذي أحرمت له أي أبرز للشمس.
وحدثنا ابن الأعرابي حدثنا إبراهيم بن حميد القاضي حدثنا الرياشي قال رأيت أحمد بن المعدل في الموقف في يوم شديد الحر وقد ضحى للشمس فقلت له يا أبا الفضل هذا أمر قد اختلف فيه فلو أخذت بالتوسعة فأنشأ يقول:
ضحيت له كي أستظل بظله ... إذا الظل أمسى في القيامة قالصا