وهو لوكان ولد من مائه حرم على أخيه إذ كان له عما، فكذلك إذا رضع من لبن كان حدوثه بفعله لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الرضاع في التحريم كالولادة، وقد قال عامة الفقهاء بتحريم لبن الفحل وانتشار الحرمة به إلاّ نفر يسير منهم إسماعيل بن علية وداود الأصفهاني، وقد روي ذلك عن ابن المسيب.
[ومن باب رضاعة الكبير]
قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر، قال: حَدَّثنا شعبة قال وحدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن أشعث بن سليم عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها المعنى واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل قال حفص فشق ذلك عليه وتغير وجهه ثم اتفقا قالت يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، فقال، يَعني انظرن من أخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة.
قال الشيخ معناه أن الرضاعة التي تقع بها الحرمة هي ما كان في الصغر، والرضيع طفل يقوته اللبن ويسد جوعه؛ وأما ما كان منه بعد ذلك في الحال التي لا تسد جوعه اللبن ولا يشبعه إلاّ الخبز واللحم وما في معناهما من الثقل فلا حرمة له.
وقد اختلف العلماء في تحديد مدة الرضاع فقالت طائفة منهم أنها حولان، وإليه ذهب سفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل واسحاق بن راهويه، واحتجوا بقوله تعالى {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة}[البقرة: ٢٣٣] قالوا فدل أن مدة الحولين إذا انقضت فقد انقطع حكمها ولا عبرة لما زاد بعد تمام المدة.