وقوله تقالت الشمس يريد استقلالها في السماء وارتفاعها إن كانت الرواية هكذا وهو في سائر الروايات تعالت ووزنه تفاعلت من العلو، وفى أمره صلى الله عليه وسلم إياهم بركعتي الفجر قبل الفريضة دليل على أن قوله فليصلها إذا ذكرها ليس على معنى تضييق الوقت فيه وحصره بزمان الذكر حتى لا يعدوه بعينه ولكنه على أن يأتي بها على حسب الإمكان بشرط أن لا يغفلها ولا يتشاغل عنها بغيرها.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا همام عن قتادة عن أنس أن النبي ص قال: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلاّ ذلك.
قوله لا كفارة لها إلاّ ذلك يريد أنه لا يلزمه في تركها غرم أوكفارة من صدقة أو نحوها كما يلزمه في ترك الصوم في رمضان من غير عذر الكفارة وكما يلزم المحرم إذا ترك شيئا من نسكه كفارة وجبران من دم وإطعام ونحوه.
وفيه دليل على أن أحدا لا يصلي عن أحد كما يحج عنه وكما يؤدي عنه الديون ونحوها وفيه دليل أن الصلاة لا تجبر بالمال كما يجبر الصوم ونحوه.
[ومن باب في بناء المسجد]
قال أبو داود: حدثنا محمد بن الصباح أنا سفيان بن عيينة عن سفيان الثوري، عَن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أمرت بتشييد المساجد. قال ابن عباس لتُزَخرفُنَّها كما زخرفت اليهود والنصارى.
التشييد رفع البناء وتطويله وقوله لتُزَخرفُنَّها معناه لتزيننها، وأصل الزخرف الذهب يريد تمويه المساجد بالذهب ونحوه، ومنه قولهم زخرف الرجل كلامه إذا موهه وزينه بالباطل، والمعنى أن اليهود والنصارى إنما زخرفوا المساجد عندما حرفوا وبدلوا وتركوا العمل بما في كتبهم يقول فأنتم تصيرون إلى مثل حالهم