وتقدير الكلام عنده أن الصرورة إذا شرع في الحج عن غيره صار الحج عنه وانقلب عن فرضه ليحصل معنى النفي فلا يكون صرورة، وهذا مذهب الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال مالك والثوري حجه على ما نواه وإليه ذهب أصحاب الرأي، وقد روي ذلك عن الحسن البصري وعطاء والنخعي.
[ومن باب الصبي يحج]
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالروحاء فلقي ركباً فسلم عليهم فقال من القوم فقالوا المسلمون فقالوا ومن أنتم قال: رسول الله ففزعت امرأة فأخذت بعضد صبي فأخرجته من محفَّتها فقالت يا رسول الله هل لهذا حج قال نعم ولك أجر.
قلت إنما كان له من ناحية الفضيلة دون أن يكون ذلك محسوباً عن فرضه لو بقي حتى يبلغ ويدرك مدرك الرجال. وهذا كالصلاة يؤمر بها إذا أطاقها وهي غير واجبة عليه وجوب فرض ولكن يكتب له أجرها تفضيلا من الله ويكتب لمن يأمره بها ومن شده إليها أجر. فإذا كان له حج فقد علم أن من سنته أن يوقف به في المواقف ويطاف به حول البيت محمولا إن لم يطق المشي وكذلك السعي بين الصفا والمروة في نحوها من أعمال الحج. وفي معناه المجنون إذا كان مأيوساً من إفاقته.
وفي ذلك دليل على أن حجه إدا فسد أو دخله نقص فإن جبرانه واجب عليه كالكبير وإن اصطاد صيدا لزمه الفداء كما يلزم الكبير.