ويثبت أنها سبب القطع لا جحد العارية وإنما ذكرت الاستعارة والجحد في هذه القصة تعريفاً لها بخاص صفتها إذ كانت كثيرة الاستعارة حتى عرفت بذلك كما عرفت بأنها مخزومية إلاّ أنها لما استمر بها هذا الصنع ترقت إلى السرقة وتجرأت حيث سرقت فأمرالنبي صلى الله عليه وسلم بقطعها.
وقد روى مسعود بن الأسود عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخبر قال سرقت قطيفة من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت وبيان هذا الحديث في حديث عائشة رضي الله عنها من رواية الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما هلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سرقت لقطعت يدها.
أفلا تراه يتمثل بالسرقة ويذكرها مرة بعد أخرى وفي ذلك بيان لما قلناه وإنما خلا بعض الروايات عن ذكر السرقة لأن القصد إنما كان في سياق هذا الحديث إلى إبطال الشفاعة في الحدود والتغليظ لمن رام تعطيلها ولم يقع العناية بذكر السرقة وبيان حكمها وما يجب على السارق من القطع إذ كان ذلك من القطع إذ كان ذلك من العلم المشهور المستفيض في الخاص والعام وقد أتى ما يجب على السارق من القطع إذ كان أتى الكتاب على بيانه فلم يضر ترك ذكره والسكوت عنه ههنا والله أعلم.
ومن باب المجنون يسرق أو يصيب حداً
قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش، عَن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنه قال أتي عمر رضي الله عنه بمجنونة قد زنت فاستشار فيها أناساً فأمر بها عمر رضي الله عنه أن ترجم فمر بها على علي كرم الله وجهه، فقال ما شأن هذه فقالوا مجنونة بني فلان زنت فأمر بها أن ترجم، فقال ارجعوا بها ثم أتاه فقال يا أمير المؤمنين أما علمت أن القلم رفع عن ثلاثة عن المجنون حتى يبرأ وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يعقل قال بلى قال فما بال هذه ترجم قال لا شيء قال فأرسلها قال فأرسلها قال فجعل يكبر.
قلت لم يأمر عمررضي الله عنه برجم مجنونه مطبق عليها في الجنون ولا يجوز أن يخفى هذا ولا على أحد ممن بحضرته، ولكن هذه امرأة كانت تجن مرة وتفيق أخرى فرأى عمر رضي الله عنه أن لا يسقط عنها الحد لما يصيبها من الجنون إذ كان الزنا منها في حال الإفاقة، ورأى علي كرم الله