قال أبو داود: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حَدَّثنا وكيع وحميد بن عبد الرحمن الرُّواسي عن مغيرة بن زياد عن عبادة بن نسى عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصامت قال علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت ليست بمال فأرمي عليها في سبيل الله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه فأتيته فقلت يا رسول الله رجل أهدى إلي قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال فأرمي عنها في سبيل الله فقال إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها.
قال الشيخ اختلف الناس في معنى هذا الحديث وتأويله فذهب قوم من العلماء إلى ظاهره فرأوا أن أخذ الأجرة والعوض على تعليم القرآن غير مباح، وإليه ذهب الزهري وأبو حنيفة وإسحاق بن راهويه.
وقالت طائفة لا بأس به ما لم يشترط وهو قول الحسن البصري وابن سيرين والشعبي وأباح ذلك آخرون وهو مذهب عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور واحتجوا بحديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي خطب المرأة فلم يجد لها مهراً زوجتكها على ما معك من القرآن، وقد ذكره أبو داود في موضعه من هذا الكتاب، وتأولوا حديث عبادة على أنه أمر كان تبرع به ونوى الاحتساب فيه ولم يكن قصده وقت التعليم إلى طلب عوض ونفع فحذره النبي صلى الله عليه وسلم إبطال أجره وتوعده عليه، وكان سبيل عبادة في هذا سبيل من رد ضالة الرجل أو استخرج له متاعاً قد عرف تبرعاً وحسبة فليس له أن يأخذ عليه