فنفروا لهم هذيل قريب من مائة رجل رام؛ فلما أحس بهم عاصم لجؤوا إلى قَرْدَد فقالوا لهم انزلوا فأعطوا بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا يقتل منكم أحد، فقال عاصم أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة نفر ونزل إليهم خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها قال الرجل الثالث هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء لأسوة فجرروه فأبى أن يصحبهم فقتلوه فلبث خبيب أسيرا حتى أجمعوا قتله فاستعار موسى يستحد بها فلما أخرجوه ليقتلوه قال لهم خبيب دعوني أركع ركعتين ثم قال والله لولا أن يحسبوا ما بي جزعا لزدت.
القردد رابية مشرفة على وهدة قال الشاعر:
متى ما تُررنا آخر الدهر تلقنا ... بقرقرةٍ ملساء ليست بقَرْدد
وقوله يستحد بها أي يحلق شعر عانته والاستحداد مأخوذ من الحديد.
وفيه من العلم أن المسلم يجالد العدو إذا أزهق ولا يستأسر له ما قدر على الامتناع منه، وإنما استحد خبيب خوفا أن تظهر عورته إذا صلبوه، ثم أنه من السنة فاستعمله متجهزا للموت.
[ومن باب في الكمين]
قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق قال سمعت البراء يحدث قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد وكانوا خمسين رجلا عبد الله بن جبير وقال إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا من مكانكم هذا حتى أرسل إليكم وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، قال فهزمهم الله قال فأنا والله رأيت النساء يسندن