والخراج عند الشافعي على وجهين: أحدهما جزية والآخر بمعنى الكراء والأجرة. فإذا فتحت الأرض صلحاً على أن أرضها لأهلها فما وضع عليها من خراج فمجراها مجرى الجزية التي تؤخذ من رؤوسهم، فمن أسلم منهم سقط ما عليه من الخراج كما يسقط ما على رقبته من الجزية ولزومه العشر فيما أخرجت أرضه وإن كان الفتح إنما وقع على أن الأرض للمسلمين ويؤدى في كل سنة عنها شيئا فالأرض للمسلمين وما يؤخذ منهم عنها فهو أجرة الأرض فسواء من أسلم منهم أو أقام على كفره فعليه أداء ما اشترط عليه ومن باع منهم شيئا من تلك الأرضين فبيعه باطل لأنه باع ما لا يملك. وهذا سبيل أرض السواد عنده.
[ومن باب الأرض يحميها الرجل]
قال أبو داود: حدثنا ابن السرح أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا حمى إلاّ لله ولرسوله قال ابن شهاب وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمى النقيع.
قلت قوله لا حمى إلاّ لله ولرسوله، يريد لا حمى إلاّ على معنى ما أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الوجه الذي حماه، وفيه إبطال ما كان أهل الجاهلية يفعلونه من ذلك وكان الرجل العزيز منهم إذا انتجع بلداً مخصباً أوفى بكلب على جبل أوعلى نشر من الأرض ثم استعوى الكلب ووقف له من يسمع منتهى صوته بالعواء فحيث انتهى صوته حماه من كل ناحية لنفسه ومنع الناس منه.