وفيه دليل على جواز دخول الحاكم في الشهادات لأنهم إنما جاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم ليشهدوه على ذلك.
وفيه دليل على جواز حكمه بعلمه لأن ذلك هو فائدة إشهاده، فأما قوله هذا جور فمعناه هذا ميل عن بعضهم إلى بعض وعدول عن الفعل الذي هو أفضل وأحسن، ولا خلاف أنه لو آثر بجميع ماله أجنبيا وحرمه أولاده أن فعله ماض فكيف يرد فعله في إيثار بعض أولاده على بعض. وقد فضل أبو بكر عائشة عنهما بجداد عشرين وسقاً ونحلها إياها دون أولاده وهم عدد فدل ذلك على جوازه وصحة وقوعه.
وقد قال بعض أهل العلم إنما كره ذلك لأنه يقع في نفس المفضول بالبر شيء فيمنعه ذلك من حسن الطاعه والبر، وربما كان سببا لعقوق الولد وقطيعة الرحم بينه وبين اخوته.
وذهب قوم إلى أنه لا يجوز أن يسوي بين أولاده الذكران والإناث في البر والصلة أيام حياته ولكن يفضل ويقسم على سهام الميراث وروي ذلك عن شريح.
وإليه ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه واحتج من رأى التسوية بين الذكر والانثى بقوله أليس يسرك أن يكونوا في البر واللطف سواء قال نعم أي فسو كذلك في العطية بينهم وقالوا ولم يستثن ذكراً من أنثى.
قال الشيخ ونقل محمد بن إسحاق في سيره أن بشيراً لم يكن له ابنة يومئذ وفعل أبي بكر في تقديم عائشة وتفضيلها بعشرين وسقا يؤيد المذهب الأول.