قال آخرون معناه نفي الفضيلة دون الفريضة كما روي لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد أي في الأجر والفضيلة، وتأوله جماعة من العلماء على النية وجعلوه ذكر القلب. وقالوا وذلك أن الأشياء قد تعتبر بأضدادها فلما كان النسيان محله القلب كان محل ضده الذي هو الذكر بالقلب وإنما ذكرُ القلب النية والعزيمة.
[ومن باب يدخل يده في الاناء قبل أن يغسلها]
قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَن أبي رزين وأبي صالح، عَن أبي هريرة قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم من الليل فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده.
قلت: قد ذهب داود ومحمد بن جربر إلى إيجاب غسل اليد قبل غمسها في الإناء ورأيا أن الماء ينجس به إن لم تكن اليد مغسولة، وفرق أحمد بين نوم الليل ونوم النهار. قال وذلك لأن الحديث إنما جاء في ذكر الليل في قوله إذا قام أحدكم من الليل ولأجل أن الانسان لا يتكشف لنوم النهار ويتكشف غالبا لنوم الليل فتطوف يده في أطراف بدنه فربما أصابت موضع العورة وهناك لوث من أثر النجاسة لم ينقه الاستنجاء بالحجارة فإذا غمسها في الماء فسد الماء بمخالطة النجاسة إياه، وإذا كان بين اليد وبين موضع العورة حائل من ثوب أو نحوه كان هذا المعنى مأموناً.
وذهب عامة أهل العلم إلى أنه غمس يده في الإناء قبل غسلها فإن الماء طاهر ما لم يتيقن نجاسة بيده وذلك لقوله فإنه لا يدري أين باتت يده فعلقه بشكل وارتياب، والأمر المضمن بالشك والارتياب لا يكون واجبا وأصل الماء الطهارة وبدن الإنسان على حكم الطهارة كذلك، وإذا ثبتت الطهارة يقينا