قال الأصمعي السبتية من النعال ما كان مدبوغا بالقرظ.
قلت وخبر أنس يدل على جواز لبس النعل لزائر القبور وللماشي بحضرتها وبين ظهرانيها.
فأما خبر السبتيتين فيشبه أن يكون إنما كره ذلك لما فيهما من الخيلاء وذلك أن نعال السبت من لباس أهل الترفه والتنعم قال الشاعر يمدح رجلاً:
يُحذى نعال السبت ليس بتوأم
وقال النابغة:
رقاق النعال طيب حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسب
يقول هم أعفاء الفروج لا يحلون أزرهم لريبة، والسباسب عيد كان لهم في الجاهلية فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون دخوله المقابر على زي التواضع ولباس أهل الخشوع.
[باب ما يقول الرجل إذا مر بالقبور]
قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عَن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون.
قلت: فيه من العلم أن السلام على الموتى كهو على الأحياء في تقديم الدعاء على الاسم ولا يقدم الاسم على الدعاء كما تفعله العامة، وكذلك هو في كل دعاء الخير كقوله تعالى {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت}[هود: ٧٣] وكقوله عز وجل {سلام على آل ياسين}[الصافات: ١٣٠] وقال في خلاف ذلك {وإن عليكم لعنتي إلى يوم الدين}[ص: ٧٨] فقدم الاسم على الدعاء وفيه أنه سمى المقابر داراً فدل على أن اسم الدار قد يقع من جهة