تجعل لي العرافة بعده، فقال إن العرافة حق ولا بد للناس من عرفاء ولكن العرفاء في النار.
العَريف القيم بأمر القبيلة والمحلة يلي أمورهم ويتعرف الأمير منهم أحوالهم قال الشاعر:
أو كلما وردت عكاظ قبيلة ... بعثوا إليَّ عريفهم يتوسم
وقوله العرافة حق يريد ان فيها مصلحة للناس ورفقا في الأمور، ألا تراه يقول ولا بد للناس من عرفاء، وقوله العرفاء في النار معناه التحذير من التعرض للرياسة والتأمر على الناس لما في ذلك من المحنة وأنه إذا لم يقم بحقه ولم يؤد الأمانة فيه أثم واستحق من الله سبحانه العقوبة وخيف عليه دخول النار.
وفيه من الفقه أن من أعطى رجلاً مالاً على أن يفعل أمراً هو لازم الأخذ له مفروضا عليه فعله فإن للمعطي ارتجاعه منه، وذلك أن الإسلام كان فرضاً واجبا عليهم فلم يجز لهم أن يأخذوا عليه جعلا وهذا مخالف لما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم، وذلك أنه لم يشارطهم على أن يسلموا فيعطيهم جعلا على الإسلام وإنما أعطاهم عطايا باتة وإن كان في ضمنها استمالة لقلوبهم وتألفهم على الدين وترغيب من وراءهم من قبائلهم في الدخول فيه.
[ومن باب السعاية على الصدقة]
قال أبو داود: حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة صاحب مكس.
قلت صاحب المكس هو الذي يُعشر أموال المسلمين ويأخذ من التجار