قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب حدثني عطاء بن أبي رباح أن جابر بن عبد الله قال، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته وأنه أُتني ببَدْر فيه خضرات من البقول وذكر الحديث.
قال الشيخ: قوله أتي ببدر يريد بطبق وسمي الطبق بدراً لاستدارته، ومنه سمي القمر قبل كماله بدراً وذلك لاستدارته وحسن اتساقه.
وقوله فليعتزل مسجدنا إنما أمره باعتزال المسجد عقوبة له وليس هذا من باب الأعذار التي تبيح للمرء التخلف عن الجماعة كالمطر والريح العاصف ونحوهما من الأمور، وقد رأيت بعض الناس صنف في الأعذار المانعة عن حضور الجماعة باباً ووضع فيها أكل الثوم والبصل وليس هذا من ذلك في شيء والله أعلم.
[ومن باب القران بالتمر عند الأكل]
قال أبو داود: حدثنا واصل بن عبد الأعلى حدثنا ابن فضيل عن ابن إسحاق عن جبَلة بن سُحيم عن ابن عمر قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن القران إلاّ أن تستأذ أصحابك.
قال الشيخ: إنما جاء النهي عن القران لمعنى مفهوم وعلة معلومة وهي ما كان القوم من شدة العيش وضيق الطعام واعوازه، وكانوا يتجوزون في المأكل ويواسون من القليل فإذا اجتمعوا على الأكل تجافى بعضهم عن الطعام لبعض وآثر صاحبه على نفسه، غير أن الطعام ربما يكون مشفوهاً. وفي القوم من بلغ به الجوع الشدة فهو يشفق من فنائه قبل أن يأخذ حاجته منه فربما قرن بين التمرتين وأعظم اللقمة ليسد به الجوع وتشفى به القَرَمَ فأرشد