وحدوث أحكام البالغين له فيكون للمحتلم أن يبيع ويشتري ويتصرف في ماله ويعقد النكاح لنفسه وإن كانت امرأة فلا تزوج إلاّ بإذنها.
ولكن المحتلم إذا لم يكن رشيداً لم يفك الحجر عنه وقد يحظر الشيء بشيئين فلا يرتفع بارتفاع أحدهما مع بقاء السبب الآخر وقد أمر الله تعالى بالحجر على السفيه فقال {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً}[النساء: ٥] وقال {فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً}[البقرة: ٢٨٢] فأثبت الولاية على السفيه كما أثبتها على الضعيف، فكان معنى الضعيف راجعاً إلى الصغير، ومعنى السفيه إلى الكبير البالغ لأن السفه اسم ذم ولا يذم الإنسان على ما لم يكتسب والقلم مرفوع عن غير البالغ فالجرح والذم مرفوعان عنه؛ وقال سبحانه {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم}[النساء: ٦] فشرط في دفع المال إليهم شيئين الاحتلام والرشد. والحكم إذا كان وجوبه معلقاً بشيئين لم يجب إلاّ بورودهما معاً.
وقوله لا صمات يوم إلى الليل وكان أهل الجاهلية من نسكهم الصمات، وكان الواحد منهم يعتكف اليوم والليلة فيصمت ولا ينطق فنهوا عن ذلك وأمروا بالذكر والنطق بالخير.
[ومن باب الدليل على أن الكفن من جميع المال]
قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن الأعمش، عَن أبي وائل عن خباب، قال مصعب بن عمير قتل يوم أحد ولم يكن له إلاّ نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه وإذا غطينا رجله خرج رأسه، فقال صلى الله عليه وسلم غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه من الاذخر.