عليه كراهة لصنعه وزجرا له عن ذلك ويشبه أن يكون الذي نهى عنه من صوم الدهر هو أن يسرد الصيام أيام السنة كلها لا يفطر فيها الأيام المنهي عن صيامها وقد سرد الصوم دهره أبو طلحة الأنصاري وكان لا يفطر في سفر ولا حضر فلم يعبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نهاه عن ذلك.
وقوله وددت أني أطقت ذلك يحتمل أن يكون إنما خاف العجز عى ذلك للحقوق التى تلزمه لنسائه لأن ذلك يخل بحظوظهن منه لا لضعف جبلته عى احتمال الصيام أو قلة صبره عن الطعام في هذه المدة والله أعلم.
[ومن باب صوم أشهر الحرم]
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سعيد الجريري، عَن أبي السليل عن مُجيبة الباهلية عن أبيها أوعمها أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته فقال يا رسول الله أما تعرفني قال ومن أنت قال أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول، قال فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة، قال ما أكلت طعاما منذ فارقتك إلاّ بليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم عذبت نفسك، ثم قال صم شهر الصبر ويوما من كل شهر، قال زدني فإن بي قوة، قال صم يومين، قال زدني قال صم ثلاثة أيام، قال زدني قال صم من الحُرم وأترك، صم من الحرم وأترك، صم من الحرم وأترك. وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها.
قلت شهر الصبر هو شهر رمضان، وأصل الصبر الحبس فسمي الصيام صبرا لما فيه من حبس النفس عن الطعام ومنعها عن وطء النساء وغشيانهن في نهار الشهر.
وقوله صم من الحرم فإن الحرم أربعة أشهر وهي التي ذكرها الله في كتابه