غلّظ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر مما غلظ على غيره من المشركين.
قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه.
قلت في كون المغفر على رأسه دليل على جواز ترك الإحرام للخائف على نفسه إذا دخل مكة وعلى أن صاحب الحاجة إذا أراد دخول الحرم لم يلزمه الإحرام إذا لم يرد حجا أوعمرة، وكان ابن خطل بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه مع رجل من الأنصار وأمر الأنصاري عليه، فلما كان ببعص الطريق وثب على الأنصاري فقتله وذهب بماله فلم ينفذ رسول الله صلى الله عليه وسلم له الأمان وقتله بحق ما جناه في الإسلام.
وفيه دليل على أن الحرم لا يعصم من إقامة حكم واجب ولا يؤخره عن وقته.
[ومن باب المن على الأسير بغير فداء]
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا ثابت عن أنس أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من جبال التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوهم فأخذهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سلما فأعتقهم فأنزل الله تعالى {وهوالذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة}[الفتح: ٢٤] إلى آخر الآية.
قوله سلما، يَعني اسراء، يقال رجل سلَم أي أسير وقوم سلم الواحد والجماعة سواء قال الشاعر:
فاتقين مروان في القوم السلَم
قال أبو داود: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر