قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج حدثوا عني ولا تكذبوا علي.
ومعلوم أن الكذب على بني إسر ائيل لا يجوز بحال فإنما أراد بقول وحدثوا عني ولا تكذبوا عليّ أي تحرزوا من الكذب عليّ بأن لا تحدثوا عني إلاّ بما يصح عندكم من جهة الإسناد الذي به يقع التحرز عن الكذب عليّ.
[ومن باب في القصص]
قال أبو داود: حدثنا محمود بن خالد حدثنا أبو مسهر حدثنا عباد بن عباد الخواص عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن عمرو بن عبد الله السيباني عن عوف بن مالك الأشجعي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقص إلاّ أمير أو مأمور أو مختال.
قال الشيخ: بلغني عن ابن سريج أنه كان يقول هذا في الخطبة وكان الأمراء يتلون الخطب فيعظون النلس ويذكرونهم فيها فأما المأمور فهو من يقيمه الإمام خطيباً فيعظ الناس ويقص عليهم.
فأما المختال فهو الذي نصب لذلك نفسه من غير أن يؤمر له ويقص على الناس طلباً للرياسة فهو يرائي بذلك ويختال.
وقد قيل إن المتكلمين على الناس ثلاثة أصناف مذكر، وواعظ، وقاص. فالمذكر الذي يذكر الناس آلاء الله ونعماءه ويبعثهم به على الشكر له. والواعظ يخوفهم بالله وينذرهم عقوبته فيردعهم به عن المعاصي. والقاص هو الذي يروي لهم أخبار الماضين ويسرد عليهم القصص فلا يأمن أن يزيد فيها أو ينقص. والمذكر والواعظ مأمون عليهما هذا المعنى.