قال أبو داود قال مالك إني لا أظن حديث ابن المسيب من ظهر إلى ظهر إنما هو من طهر إلى طهر ولكن الوهم دخل فيه فقلبه الناس فقالوا من ظهر إلى ظهر.
قلت ما أحسن ما قال مالك وما أشبهه بما ظنه من ذلك لأنه لا معنى للاغتسال من وقت صلاة الظهر إلى مثلها من الغد ولا أعلمه قولا لأحد من الفقهاء وإنما هو من طهر إلى طهر وهو وقت انقطاع دم الحيض. وقد يجيء ما روي من الاغتسال من ظهر إلى ظهر في بعض الأحوال لبعض النساء وهو أن تكون المرأة قد نسيت الأيام التي كانت عادة لها ونسيت الوقت أيضاً، إلاّ أنها تعلم أنها كلما انقطع دمها في أيام العادة كان وقت الظهر فهذه يلزمها أن تغتسل عند كل ظهر وتتوضأ لكل صلاة ما بينها وبين الظهر من اليوم الثاني، فقد يحتمل أن يكون سعيد إنما سئل عن امرأة هذا حالها فنقل الراوي الجواب ولم ينقل السؤال على التفصيل والله أعلم.
ومن باب من لم يذكر الوضوء إلاّ عند الحدث
قال أبو داود: حدثنا زياد بن أيوب حدثنا هشيم حدثنا أبو بشر عن عكرمة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتظر أيام إقرائها ثم تغتسل وتصلي فإن رأت شيئا من ذلك توضأت وصلت.
قال أبو داود وكان ربيعة لا يرى على المستحاضة وضوءا عند كل صلاة إلاّ أن يصيبها حدث غير الدم فتوضأ.
قلت: الحديث لا يشهد لما ذهب إليه ربيعة، وذلك أن قوله فإن رأت شيئا من ذلك توضأت وصلت يوجب عليها الوضوء ما لم تتيقن زوال تلك العلة وانقطاعها عنها وذلك لأنها لا تزال ترى شيئا من ذلك أبدا إلاّ أن تنقطع عنها