والله لقد رأيت اليوم أمراً ما كنت أظن أني أراه إن قوما رغبوا عن هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقول ذلك للذين صاموا ثم قال عند ذلك اللهم اقبضني إليك.
قلت في هذا حجة لمن لم يحد السفر الذي يترخص فيه الافطار بحد معلوم ولكن يراعي الاسم ويعتمد الظاهر واحسبه قول داود وأهل الظاهر. فأما الفقهاء فإنهم لا يرون الإفطار إلاّ في السفر الذي يجوز فيه القصر وهو عند أهل العراق ثلاثة أيام وعند أهل الحجاز ليلتان أو نحوهما وليس الحديث بالقوي وفي إسناده رجل ليس بالمشهور، ثم أن دحية لم يذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر في قصير السفر إنما قال إن قوما رغبوا عن هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعلهم إنما رغبوا عن قبول الرخصة في الافطار أصلا. وقد يحتمل أن يكون دحية إنما صار في ذلك إلى ظاهر اسم السفر، وقد خالفه غير واحد من الصحابة فكان ابن عمر وابن عباس لا يريان القصر والإفطار في أقل من أربعةُ برد وهما أفقه من دحية وأعلم بالسنة.
[ومن باب صوم يوم الفطر والنحر]
قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب وهذا حديثه قالا: حَدَّثنا سفيان عن الزهري، عَن أبي عبيدة قال شهدت العيد مع عمر رضي الله عنه فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين أما يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم، وأما يوم الفطر ففطركم من صيامكم.
قوله أما يوم الفطر ففطركم من صيامكم يدل على أنه من نذر صوم ذلك اليوم لم يلزمه صيامه ولا قضاؤه لأن هذا كالتعليل لوجوب الإفطار فيه،