بذلك ولا يستحلون القتال فيها، وكان قبائل منهم يستبيحونها فإذا قاتلوا في شهر حرام حرموا مكانه شهرا آخر من أشهر الحل ويقولون نسأنا الشهر واستمر ذلك بهم حتى اختلط ذلك عليهم وخرج حسابه من أيديهم فكانوا ربما يحجون في بعض السنين في شهر ويحجون من قابل في شهرغيره إلى أن كان العام الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصادف حجهم شهر الحج المشروع وهو ذو الحجة فوقف بعرفة اليوم التاسع منه ثم خطبهم فأعلمهم أن أشهر النسيء قد تناسخت باستدارة الزمان وعاد الأمر إلى الأصل الذي وضع الله حساب الأشهر عليه يوم خلق السموات والأرض وأمرهم بالمحافظة عليه لئلا تتغير أو تتبدل فيما يستأنف من الأيام فهذا تفسيره ومعناه.
وقوله رجب مضر إنما أضاف الشهر إلى مضر لأنها كانت تشدد في تحريم رجب وتحافظ على ذلك أشد من محافظة سائر القبائل من العرب فأضيف الشهر إليهم لهذا المعنى.
وأما قوله الذي بين جمادى وشعبان فقد يحتمل أن يكون ذلك على معنى توكيد البيان كما قال في أسنان الصدقة فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر ومعلوم أن ابن اللبون لا يكون إلاّ ذكرا ويحتمل أن يكون إنما قال ذلك من أجل أنهم قد كانوا نسؤوا رجبا وحولوه عن موضعه وسموا به بعض الشهور الأخرفنحملوه اسمه فبين لهم أن رجبا هو الشهر الذي بين جمادى وشعبان لا ما كانوا يسمونه على حساب النسيء.
[ومن باب من لم يدرك عرفة]
قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن إسماعيل حدثنا عامر أخبرني