قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن عروة عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليَّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع منه فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذ منه شيئاً فإنما أقطع له قطعة من النار.
قال الشيخ: قوله ألحن بحجته أي أفطن لها، واللحن مفتوحة الحاء الفطنة؛ يقال لحنت الشيء ألحن له لحَناً ولحن الرجل في كلامه لحناً بسكون الحاء.
وفيه من الفقه وجوب الحكم بالظاهر وأن حكم الحاكم لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً وأنه متى أخطأ في حكمه فمضى كان ذلك في الظاهر فأما في الباطن وفي حكم الآخرة فإنه غير ماض.
وفيه أنه لا يجوز للمقضي له بالشيء أخذه إذا علم أنه لا يحل له فيما بينه وبين الله، ألا تراه يقول فلا يأخذ منه شيئاً فإنما اقطع له قطعة من النار. وقد يدخل في هذا الأموال والدماء والفروج كان ذلك كله حق أخيه وقد حرم عليه أخذه.
وقد أجمع العلماء في هذا في الدماء والأموال وإنما الخلاف في أحكام الفروج فقال أبو حنيفة إذا ادعت المرأة على زوجها الطلاق وشهد لها شاهدان فقضى الحاكم بالتفرقة بينهما وقعت الفرقة فيما بينها وبين الله وإن كانا شاهدي زور، وجاز لكل واحد من الشاهدين أن ينكحها، وخالفه أصحابه في ذلك. قال وقد تعرض في هذا الباب أمور مما يختلف فيه اعتقاد القاضي وصاحب القضية المحكوم له بها كالرجل يذهب إلى أن الطلاق قبل النكاح لازم فيتزوج المرأة فيحكم له الحاكم بجواز النكاح فلا يسعه فيما بينه وبين الله المقام عليه ويلزمه نصف المهر بالعقد إذا