بالانتقال إلى حضرته ليكونوا معه فيتعاونوا ويتظاهروا إن حزبهم أمر وليتعلموا منه أمر دينهم ويتفقهوا فيه وكان عظم الخوف في ذلك الزمان من قريش وهم أهل مكة فلما فتحت مكة ونخعت بالطاعة زال ذلك المعنى وارتفع وجوب الهجرة وعاد الأمر فيها إلى الندب والاستحباب فهما هجرتان فالمنطقة منهما هي الفرض والباقية هي الندب فهذا وجه الجمع بين الحديثين على أن بين الإسنادين ما بينهما إسناد حديث ابن عباس متصل صحيح واسناد حديث معاوية فيه مقال.
وقوله إذا استنفرتم فانفروا فيه إيجاب النفير والخروج إلى العدو إذا وقعت الدعوة وهذا إذا كان فيمن بإزاء العدو كفاية فإن لم يكن فيهم كفاية فهو فرض على المقيمين المطيقين للجهاد والاختيار للمطيق له مع وقوع الكفاية بغيره أن لا يقعد عن الجهاد. قال الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى}[النساء: ٩٥] .
وقد روي عن ابن عباس أنه قال {انفروا خفافا وثقالا}[التوبة: ٤١] نسخه قوله {وما كان المؤمنون لينفروا كافة}[التوبة: ٢١٢] الآية.
[ومن باب سكنى الشام]
قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم تقذَرهم نفسُ الله وتحشرهم النار مع القردة والخنازير.