قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد بن خالد الخياط حدثنا عبد الله العمري عن عبيد الله عن القاسم عن عائشة قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلام قال يغتسل وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولا يجد البلل قال لا غسل عليه. فقالت أم سليم المرأة ترى ذلك أعليها الغسلُ قال نعم إنما النساء شقائق الرجال.
قلت ظاهر هذا الحديث يوجب الاغتسال إذا رأى البلة وإن لم يتيقن أنها الماء الدافق. وروي هذا القول عن جماعة من التابعين هم عطاء والشعبي والنخعي وقال أحمد بن حنبل أعجب إليّ أن يغتسل إلاّ رجلا به أبردة.
وقال أكثر أهل العلم لا يجب عليه الاغتسال حتى يعلم أنه بلل الماء الدافق واستحبوا أن يغتسل من طريق الاحتياط ولم يختلفوا أنه إذا لم ير الماء وإن كان رأى في النوم أنه قد احتلم فإنه لا يجب عليه الاغتسال، وعبد الله بن عمر العمري ليس بالقوي عند أهل الحديث.
وقوله النساء شقائق الرجال أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطباع فكأنهن شققن من الرجال.
وفيه من الفقه إثبات القياس والحاق حكم النظير بالنظير وأن الخطاب إذا ورد بلفظ الذكور كان خطابا بالنساء إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها، وفيه ما دل على فساد قول من زعم من أهل الظاهر أن من أعتق شركاً له في جارية بينه وبين شريكه وكان موسراً فإنه لا يقوَّم عليه نصيب شريكه ولا تعتق الجارية لأن الحديث إنما ورد في العبد دون الأمة.