وقد اختلف الناس في ملك دور مكة ورباعها وكراء بيوتها فروي عن عمر بن الخطاب أنه ابتاع دار السجن بأربعة آلاف درهم وأباح طاوس وعمرو بن دينار بيع رباع مكة وكراء منازلها، وإليه ذهب الشافعي واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم وهل ترك لنا عقيل منزلاً، وذلك أن عقيلا قد كان باع منازل آبائه فرأى النبي صلى الله عليه وسلم بيعها ماضيا.
وقالت طائفة لا يحل بيع دور مكة ولا كراؤها، وروي ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وروي عن عطاء وعمر بن عبد العزيز النهي عن كراء بيوتها. وقال أحمد بن حنبل إني لأتوقى الكراء، يَعني أجور بيوت مكة، وأما الشراء فقد اشترى عمر دار السجن. وقال إسحاق كل شيء من دور مكة فإن بيعها وشراءها وإجارتها مكروهة ولكن الشراء أهون.
[ومن باب خبر الطائف]
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن علي بن سويد حدثنا أبو داود عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم، فاشترطوا أن لا يحشروا وأن لا يعشروا ولا يجبّوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم أن لا تحشروا ولا تعشروا ولا خير في دين ليس فيه ركوع.
قوله لا تحشروا، معناه الحشر في الجهاد والنفير له وقوله وأن لا تعشروا معناه الصدقة أي لا يؤخذ عشر أموالهم وقوله أن لا يجبوا معناه لا يصلوا وأصل التجبية أن يكب الإنسان على مقدّمه ويرفع مؤخره.
قلت ويشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما سمح لهم بالجهاد والصدقة لأنهما لم يكونا