وأجور بيوتها لا تطيب ولا تباع رباعها وليس هذا لغيرها من البلدان.
وقال الشافعي فتحت مكة صلحا وقد سبق لهم أمان فمنهم من أسلم قبل أن يظهر لهم على شيء، ومنهم من لم يسلم وصار إلى قبول الأمان بالقاء السلاح ودخول داره فكيف يغنم مال مسلم أو مال من بذل له الأمان.
قال أبو داود: حدثنا مسلم بن إبراهيم بن مسكين حدثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري، عَن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة سرح الزبير بن العوام وأبا عبيدة الجراح وخالد بن الوليد على الخيل فقال يا أبا هريرة اهتف بالأنصار اسلكوا هذا الطريق فلا يشرفن لكم أحد إلاّ انمتموه فنادى مناد لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، فعمد صناديد قريش فدخلوا الكعبة فغص بهم وطاف النبي صلى الله عليه وسلم وصلى خلف المقام ثم أخذ بجنبتي الباب فخرجوا فبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام.
قلت في قوله لا يشرفن لكم أحد إلاّ انمتموه دليل على أنه إنما عقد لهم الأمان على شرط أن يكفوا عن القتال وأن يلقوا السلاح فإن تعرضوا له أولأصحابه زال الأمان وحل دماؤهم له. وجملة الأمر في قصة فتح مكة أنه لم يكن أمراً منبرماً في أول ما بذل الأمان لهم ولكنه كان أمرا مظنوناً مترددا بين أن يقبلوا الأمان ويمضوا على الصلح وبين أن يحاربوا فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم أهبة القتال ودخل مكة وعلى رأسه المغفر إذ لم يكن من أمرهم على يقين ولا من وفائهم على ثقة فلذلك عرض الالتباس في أمرها والله أعلم.