مذهب ابن مسعود في قتله من غير استتابة أنه رأى قول النبي صلى الله عليه وسلم لولا أنك رسول لضربت عنقك حكما منه بقتله لولا علة الرسالة، فلما ظفر به وقد ارتفعت العلة أمضاه فيه ولم يستأنف له حكم سائر المرتدين.
وفيه حجة لمذهب مالك في قتل المستسر بالكفر وترك استابته ومعلوم أن هؤلاء لا يمكنهم إظهار الكفر بالكوفة في مسجدهم وهي دار الإسلام، وإنما كانوا يستبطنون الكفر ويسرون الإيمان بمسيلمة فاطلع على ذلك منهم حارثة فرفعهم إلى عبد الله وهو وال عليها فاستتاب قوما منهم وحقن بالتوبة دماءهم ولعلهم قد كانت داخلتهم شبهة في أمر مسيلمة ثم تبينوا الحق فراجعوا الدين فكانت توبتهم مقبولة عند عبد الله، ورأى أن أمر ابن النواحة بخلاف ذلك لأنه كان داعية إلى مذهب مسيلمة فلم يعرض عليه التوبة ورأى الصلاح في قتله.
وإلى نحو من هذا ذهب بعض العلماء في أمر هولاء القرامطة الذين يلقبون بالباطنية.
وأما قوله لولا أنك رسول لضربت عنقك فالمعنى في الكف عن دمه أن الله سبحانه قال {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه} فحقن له دمه حتى يبلغ مأمنه ويعود بجواب ما أرسل به فتقوم به الحجة على مرسله.
[ومن باب أمان المرأة]
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا وهب أخبرني عياض بن عبد الله عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس قال حدثتني أم هانئ بنت أبي