قال الشيخ: يشبه أن يكون إنما كره شهادة أهل البدو لما فيهم من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشريعة ولأنهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها ولا يقيمونها على حقها لقصورعلمهم عما يحيلها ويغيرها على جهتها.
وقال مالك لا تجوز شهادة البدوي على القروي لأن في الحضارة من يغنيه عن البدوي إلاّ أن يكون في بادية أوقرية. والذي يشهد بدوياً ويدع جيرته من أهل الحضر عندي مريب.
وقال عامة العلماء شهادة البدوي إذا كان عدلاً يقيم الشهادة على وجهها جائزة.
[ومن باب الشهادة في الرضاع]
قال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال حدثني عقبة بن الحارث وحدثنيه صاحب لي عنه وأنا لحديث صاحبي احفظ، قال تزوجت أم يحيى بنت أبي أهاب فدخلت علينا امرأة سوداء فزعمت أنها ارضعتنا جميعاً فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأعرض عني فقلت يا رسول الله إنها لكاذبة، قال وما يدريك وقد قالت ما قالت دعها عنك.
قال الشيخ: قوله وما يدريك تعليق منه القول في أمرها، وقوله دعها عنك إشارة منه بالكف عنها من طريق الورع لا من طريق الحكم، وليس في هذا دلالة على وجوب قبول قول المرأة الواحدة في هذا وفيما لا يطلع عليه الرجال من أمر النساء لأن من شرط الشاهد من كان من رجل أو امرأة أن يكون عدلاً وسبل الشهادات أن تقام عند الأئمة والحكام وإنما هذه امرأة جاءته فأخبرته بأمر هو من فعلها وهو بين مكذب لها ولم يكن هذا القول منها