قال الشيخ وهذا الحديث يعد في الظاهر مخالفاً لحديث هند وليس بينهما في الحقيقة خلاف وذلك لأن الخائن هو الذي يأخذ ما ليس له أخذه ظلماً وعدواناً فأما من كان مأذوناً له في أخذ حقه من مال خصمه واستدراك ظلامته منه فليس بخائن وإنما معناه لا تخن من خانك بأن تقابله بخيانة مثل خيانته وهذا لم يخنه لأنه يقبض حقاً لنفسه والأول يغتصب حقاً لغيره. وكان مالك بن أنس يقول إذا أودع رجل رجلاً ألف درهم فجحدها المودع ثم أودعه الجاحد ألفاً لم يجز له أن يجحده. قال ابن القاسم صاحبه أظنه ذهب إلى هذا الحديث.
وقال أصحاب الرأي يسعه أن يأخذ الألف قصاصاً عن حقه لو كان بدله حنطة أو شعيراً لم يسعه ذلك لأن هذا بيع وأن إذا كان مثله فهو قصاص.
وقال الشافعي يسعه أن يأخذه عن حقه في الوجهين جميعاً واحتج بخبر هند.
[ومن باب قبول الهدايا]
قال أبو داود: حدثنا علي بن بحر، قال: حَدَّثنا عيسى بن يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها.
قال الشيخ قبول النبي صلى الله عليه وسلم الهدية نوع من الكرم وباب من حسن الخلق يتألف به القلوب، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال تهادوا تحابوا، وكان أكل الهدية شعاراً له وأمارة من أماراته ووصف في الكتب المتقدمة بأنه قبل الهدية ولا يأكل الصدقة، وإنما صانه الله سبحانه عن الصدقة وحرمها عليه لأنهأ أوساخ الناس وكان صلى الله عليه وسلم إذا قبل الهدية أثاب عليها لئلا يكون لأحد عليه يد