تنح حتى أريك فأدخل يده بين الجلد واللحم فدحس بها حتى توارت إلى الإبط ثم مضى فصلى للناس ولم يتوضأ.
قوله حتى أريك معناه أعلمك ومنه قوله تعالى {وأرنا مناسكنا}[البقرة: ١٢٨] وقوله فدحس بها إلى الإبط أي أدخل ملئ يده بذراعها إلى الإبط والدحس كالدس ويقال للسنبلة إذا امتلأت واشتد حبها قد دحست، ومعنى الوضوء في هذا الحديث غسل اليد والله أعلم.
[ومن باب الوضوء مما مست النار]
قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن مسعود عن جامع بن شداد عن المغيرة بن عبد الله عن المغيرة بن شعبة قال ضفت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فأمر بجنب فشوي وأخذ الشفرة فجعل يحز لي بها منه قال فجاء بلال فأذنه بالصلاة فألقى الشفرة وقال ما له تربت يداه وقام يصلي.
قول تربت يداه كلمة يقولها العرب عند اللوم والتأنيب، ومعناه الدعاء عليه بالفقر والعدم وهم يطلقونها في كلامهم، وهم لا يريدون وقوع الأمر كما قالوا عقرى حلقى، وكقولهم هبلته أمه، فإن هذا الباب لما كثر في كلامهم ودام استعمالهم له في خطابهم صار عندهم بمعنى اللغو، كقولهم لا والله وبلى والله وذلك من لغو اليمين الذي لا اعتبار به ولا كفارة فيه، ويقال ترب الرجل إذا افتقر وأترب بالألف إذا استغنى، ومثل هذا قوله صلى الله عليه وسلم: فعليك بذات الدين تربت يداك.
قلت وليس هذا الصنيع من رسول الله بمخالف لقول إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء وإنما هو للصائم الذي قد أصابه الجوع وتاقت