إلى يهودية أو نصرانية بعد وقوع نسخ اليهودية وتبديل ملة النصرانية فإنه لا يقر على ذلك، وأما قوله سبحانه {لا إكراه في الدين}[البقرة: ٢٥٦] فإن حكم الآية مقصور على ما نزلت فيه من قصة اليهود، فأما إكراه الكفار على دين الحق فواجب ولهذا قاتلناهم على أن يسلموا أو يؤدوا الجزية ويرضوا بحكم الدين عليهم.
[ومن باب قتل الأسير ولا يعرض عليه الإسلام]
قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أحمد بن المفضل حدثنا إسباط بن نصر قال زعم السدي عن مصعب بن سعد عن سعد، قال لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله الناس إلاّ أربعة أنفس وامرأتين فذكر منهم ابن أبي السرح قال وكان قد اختبأ عند عثمان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى وقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى. فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه، فقال أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله، فقالوا ما ندري يا رسول الله ما في نفسك أفلا أومأت إلينا بعينك، قال أنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين.
قلت معنى خائنة الأعين أن يضمر بقلبه غير ما يظهره للناس فإذا كف بلسانه وأومأ بعينه إلى خلاف ذلك فقد خان. وكان ظهور تلك الخيانة من قبل عينيه فسميت خائنة الأعين، ومعنى الرشد هاهنا الفطنة لصواب الحكم في قتله.
وفيه دليل على أن ظاهر السكوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشيء يراه يصنع بحضرته يحل محل الرضا به والتقرير له.
قلت عبد الله بن أبي السرح كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فارتد عن الدين فلذلك