بإيجاف الخيل والبل فعليكم بالسكينة قال فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى منى.
قوله أفاض معناه صدر راجعا إلى منى وأصل الفيض السيلان يقال فاض الماء إذا سال وأفضته إذا أسلته، والإيجاف الإسراع في السير يقال وجف الفرس وجيفا وأوجفه الفارس ايجافا قال الله تعالى (فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} [الحشر: ٦] .
قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال سأل أسامة بن زيد وأنا جالس كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في حجة الوداع حين دفع قال كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص.
العنق السير الوسيع والنص أرفع السير وهو من قولهم نصصت الحديث إذا رفعته إلى قائله ونسبته إليه ونصصت العروس إذا رفعتها فوق المنصة. والفجوة الفرجة بين المكانين، وفي هذا بيان أن السكينة والتؤدة المأمور بها إنما هي من أجل الرفق بالناس لئلا يتصادموا فإذا لم يكن زحام وكان في الموضع سعة سار كيف شاء.
[ومن باب الصلاة بجمع]
قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا.
قلت هذا سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الجمع بين هاتين الصلاتين بالمزدلفة في وقت الآخرة منهما كما سن الجمع بين الظهر والعصر بعرفة في وقت الأولى منهما ومعناه الرخصة والترفيه دون العزيمة إلاّ أن المستحب متابعة السنة والتمسك بها.
واختلفوا فيمن فرق بين هاتين الصلاتين فصلى كل واحدة منهما في وقتها أو صلاهما قبل أن ينزل المزدلفة، فقال أكثر الفقهاء إن ذلك يجزئه على الكراهة