للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو القفول إلى أوطانهم، وليس هو معنى الحديث، والبدأة إنما هي ابتداء سفر الغزو إذا نهضت سرية من جملة العسكر فأوقعت بطائفة العدو. فما غنموا كان لهم منه الربع ويشركهم سائر العسكر في ثلاثة أرباعه. فإن قفلوا من الغزاة ثم رجعوا فأوقعوا بالعدو ثانية كان لهم مما غنموا الثلث لأن نهوضهم بعد القفل أشق والخطر فيه أعظم.

[ومن باب السرية ترد على أهل العسكر]

قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن عمر حدثني هشيم عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم؛ يرد مُشدهم على مُضعفهم، ومتسريهم على قاعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده.

قلت قوله تتكافأ دماؤهم معناه أن أحرار المسلمين دماؤهم متكافئة في وجوب القصلص والقود لبعضهم من بعض لا يفضل منهم شريف على وضيع. فإذا كان المقتول وضيعا وجب القصاص على قاتله. إن كان شريفا لم يسقط القود عنه شرفه، وإن كان القتيل شريفا لم يقتص له إلاّ من قاتله حسب.

وكان أهل الجاهلية لا يرضون في دم الرجل الشريف بالاستقادة من قاتله ولا يرونه بَوآءً به حتى يقتصوا من عدة من قبيلة القاتل فأبطل الإسلام حكم الجاهلية وجعل المسلمين على التكافؤ في دمائهم وإن كان بينهم تفاضل وتفاوت في معنى آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>