قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن هشام، يَعني ابن أبي عبد الله عن يحيى عن ابن أبي كثير، عَن أبي قلابة، عَن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفطر الحاجم والمحجوم.
قلت اختلف الناس في تأويل هذا الحديث فذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن الحجامة تفطر الصائم قولا بظاهر الحديث، هذا قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وقالا عليهما القضاء وليست عليهما الكفارة، وعن عطاء قال على من احتجم وهو صائم في شهر رمضان القضاء والكفارة.
وروي عن جماعة من الصحابة أنهم كانوا يحتجمون ليلا منهم ابن عمر وأبو موسى الأشعري وأنس بن مالك. وكان مسروق والحسن وابن سيرين لا يرون للصائم أن يحتجم، وكان الأوزاعي يكره ذلك، وقال ابن المسيب والشعبي والنخعي إنما كرهت الحجامة للصائم من أجل الضعف. وممن كان لا يرى بأسا بالحجامة للصائم سفيان الثوري ومالك بن أنس والشافعي وهو قول أصحاب الرأي.
وتأول بعضهم الحديث فقال معنى أفطر الحاجم والمحجوم أي تعرضا للإفطار أما المحجوم فللضعف الذي يلحقه من ذلك فيؤديه إلى أن يعجز عن الصوم. وأما الحاجم فلأنه لا يؤمن أن يصل إلى جوفه من طعم الدم أو من بعض أجراحه إذا ضم شفتيه على قصب الملازم وهذا كما يقال للرجل يتعرض للمهالك قد هلك فلان وإن كان باقيا سالما. وإنما يراد به أنه قد أشرف على الهلاك وكقوله صلى الله عليه وسلم من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين يريد أنه قد تعرض للذبح.
وقيل فيه وجه آخر وهو أنه مر بهما مساء فقال أفطر الحاجم والمحجوم كأنه