وقوله فإذا استيقظت فصل ثم تركه التعنيف له في ذلك أمرعجيب من لطف الله سبحانه بعباده ومن لطف نبيه ورفقه بأمته ويشبه أن يكون ذلك منه على معنى ملكة الطبع واستيلاء العادة فصار كالشيء المعجز عنه وكان صاحبه في ذلك بمنزلة من يغمى عليه فعذر فيه ولم يؤنب عليه ويحتمل أن يكون ذلك إنما كان يصيبه في بعض الأوقات دون بعض وذلك إذا لم يكن بحضرته من يوقظه ويبعثه من المنام فيتمادى به النوم حتى تطلع الشمس دون أن يكون ذلك منه في عامة الأوقات فإنه قد يبعد أن يبقى الإنسان على هذا في دائم الأوقات وليس بحضرته أحد لا يصلح هذا القدر من شأنه ولا يراعي مثل هذا من حاله ولا يجوز أن يظن به الامتناع من الصلاة في وقتها ذلك مع زوال العذر بوقوع التنبيه والإيقاظ ممن يحضره ويشاهده والله أعلم.
[ومن باب الاعتكاف]
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا حماد بن ثابت، عَن أبي رافع، عَن أبي ابن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ولم يعتكف عاما فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين ليلة.
قلت فيه من الفقه أن النوافل المعتادة تقضى إذا فاتت كما تقضى الفرائض ومن هذا قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العصر الركعتين اللتين فاتتاه لقدوم الوفد عليه واشتغاله بهم.
وفيه مستدل لمن أجاز الاعتكاف بغير صوم ينشئه له وذلك أن صومه في شهر رمضان إنما كان للشهر لأن الوقت مستحق له.
وقد اختلف الناس في هذا فقال الحسن البصري إن اعتكف من غير صيام