قال أبو داود: حدثنا إبراهيم بن موسى، حَدَّثنا ابن عُلية، حَدَّثنا علي بن زيد، عَن أبي نصرة عن عمران بن حصين قال غزوت مع رسول الله وشهدت الفتح فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلاّ ركعتين ويقول يا أهل البلد صلوا أربعا فإنا قوم سفر.
قلت هذا العدد جعله الشافعي حدا في القصر لمن كان في حرب يخاف على نفسه العدو. وكذلك كان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام مقامه بمكة عام الفتح، فأما في حال الأمن فإن الحد في ذلك عنده أربعة أيام فإذا أزمع مقام أربع أتم الصلاة، وذهب في ذلك إلى مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجه بمكة وذلك أنه دخل يوم الأحد وخرج يوم الخميس كل ذلك يقصر الصلاة فكان مقامه أربعة أيام، وقد روي عن عثمان بن عفان أنه قال من أزمع مقام أربع فليتم وهو قول مالك بن أنس وأبي ثور.
وقد اختلفت الروايات عن ابن عباس في مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح فروي عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام سبع عشرة بمكة يقصر الصلاة وعنه أنه أقام تسع عشرة وعنه أنه أقام خمس عشرة وكل قد ذكره أبو داود على اختلافه فكان خبر عمران بن حصين أصحها عند الشافعي وأسلمها من الاختلاف فاعتمده وصار إليه.
وقال أصحاب الرأي وسفيان الثوري إذا أجمع المسافر مقام خمس عشرة أتم الصلاة، ويشبه أن يكونوا ذهبوا إلى إحدى الروايات عن ابن عباس. وقال الأوزاعي إذا أقام اثنتي عشرة ليلة أتم الصلاة وروي ذلك عن ابن عمر.